Labels

Saturday, June 12, 2010

"لو مكانش حسني مبارك ياخدلنا حقنا، نخللي أميركا تاخدلنا حقنا".



مالا يقال: الأقباط ونداء المرأة الصعيدية

شاهد الفيلم الوثائقي "أقباط في الشارع" بالكامل

يتحدث رجل يرتدي الجلباب الشعبي المصري إلي الكاميرا طالبا من الرئيس حسني مبارك حماية الأقباط "لأننا كلنا أولاده"، حسب تعبيره، وفجأة تجذب سيدة الميكروفون من يده لتقول بانفعال وبلهجتها الصعيدية القحة: "لو مكانش حسني مبارك ياخدلنا حقنا، نخللي أميركا تاخدلنا حقنا".

مظاهرة للأقباط

الفيلم يعرض أسباب خروج الأقباط إلى الشارع

هذا هو المشهد الذي علق بأذهان معظم من شاهد الفيلم التسجيلي "أقباط في الشارع"، ضمن سلسلة وثائقيات "ما لا يقال".

كنت أتوقع ذلك، فالمشهد الذي لا يتعدى طوله بضعة ثوان جاء صادما لي شخصيا عندما رأيته للمرة الأولى، وتوقعت أن يكون هذا هو حال معظم من يراه. حصلت عليه من أحد النشطاء الأقباط الذين يقومون بتصوير الأحداث التي لا تغطيها عادة وسائل الإعلام الرئيسية. في هذه المناسبة كان الحدث مظاهرة وقعت داخل المقر البابوي بالقاهرة – مقر البابا شنودة أعلى سلطة كنسية في البلاد – بعد أيام من حادث نجع حمادي الذي قتل فيه ستة أقباط أثناء خروجهم من الكنيسة بعد قداس عيد الميلاد.

عبارة المرأة كانت مفاجئة للكثيرين لأنها تجسد أسوأ كابوس يخطر على بال من يؤمن بالوحدة الوطنية بين المصريين: أقباط داخل البلاد يطالبون صراحة بتدخل الغرب في مصر. أمر يفتح على المرأة ومن يشاركها الرأي باب الاتهامات بالعمالة والخيانة.

لكن هل تمثل هذه المرأة تيارا واسعا بين الأقباط؟

لم تأت من فراغ

من بين كل من تحدثت إليهم أثناء الإعداد للوثائقي لم أجد شخصا واحدا بين المصريين الأقباط إلا ورفض هذا الموقف تماما. والكنيسة بكل تأكيد تهتم بالابتعاد عن أية شبهة للتعاون مع الخارج. وحتى تلك المرأة الصعيدية خرجت منها هذه العبارة في لحظة انفعال واضح، وقد يكون لها رأي مختلف في ظروف مختلفة.

قداس

الفيلم يبحث مستقبل الأقباط

ومع ذلك فالعبارة لم تأت من فراغ. وهي صادمة بالتحديد لأنها تجسد مخاوف موجودة بالفعل. فمنذ نهاية التسعينات كما يقول الكاتب المصري المسيحي رفيق حبيب أصبح هناك شعور متزايد بأنه يمكن استغلال الوضع الدولي للضغط باتجاه حصول الأقباط على بعض المكاسب، وترافق ذلك مع زيادة نشاط المنظمات القبطية في الخارج "فأصبح الصوت أعلى، يتجاوز حدود المتعارف عليه من تقاليد المجتمع المصري. أيضا يستند إلي الدعم الغربي بصورة فجة وواضحة".

هذا "الصوت الأعلى" للأقباط أو بمعنى آخر تحولهم إلي أساليب أكثر جرأة للتعبير عن مشاكلهم يرصده فيلم "أقباط في الشارع" من خلال عدة مشاهد. فهناك المظاهرات المتكررة في الكنائس مثل تلك المظاهرة الحاشدة التي وقعت في الاسكندرية في ابريل / نيسان 2006، وهناك رجل الدين المسيحي الذي ينادي بعصيان الحاكم إذا كان ظالما، وهناك الدعوة – وإن لم تكن جدية تماما - "لإضراب قبطي عام" في سبتمبر / أيلول 2009، وهناك أخيرا الخروج في أول مظاهرة قبطية في الشارع، وبالتحديد في ميدان التحرير أكبر ميادين العاصمة المصرية.

هذا التحول إلي الراديكالية كما يقول سامر سليمان أستاذ الاقتصاد السياسي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة لا يرتبط فقط بما يحدث في الخارج، وإنما تأثر كذلك بالتطورات السياسية التي تحدث داخل مصر. فمنذ سنوات بدأت تنتشر حركات الاحتجاج في الشارع المصري – بدأت بحركات سياسية مثل "كفاية" ثم سرعان ما انتشرت إلي فئات أخرى من المجتمع مثل العمال والموظفين والفلاحين. وفي ظل هذا المناخ ليس مستغربا أن تصيب حمى الاحتجاج الأقباط كذلك، وبالفعل فإن أحد الأقباط الذين نشطوا في حركة "كفاية" في سنواتها الأولى، قام بعد ذلك بتأسيس حركة "أقباط من أجل مصر" لتكون بمثابة تنظيم سياسي يعبر عن مشاكل الأقباط.

هذه الحركة هي موضوع الفيلم الوثائقي – يعرض لها من خلال التعرف على الجوانب الانسانية لثلاث شخصيات محورية فيها: هاني الجزيري، الناشط القديم في كفاية والحزب الناصري والذي أسس "أقباط من أجل مصر" بعد توصله إلي قناعة بأن على الأقباط مواجهة الدولة في الشارع للحصول على حقوقهم، ونيفين جرجس، الصحافية التي تعمل في مطبوعة قبطية وتقول إن عملها الصحفي جعلها تتعرف على حجم معاناة الأقباط، ومينا مجدي الشاب الذي تخرج حديثا من كلية الطب وارتبط بالكنيسة منذ صغره كغيره من الشباب القبطي حتى أصبحت محور حياتهم.

لا يحاول الفيلم الوثائقي عرض المشكلة القبطية بكاملها، ولا حتى استكشاف العلاقة المعقدة بين الأقباط والمسلمين، ولكنه فقط يناقش حالة التحول الراديكالي التي تنتشر منذ سنوات وسط الطائفة القبطية وذلك من خلال تسليط الضوء على حركة "أقباط من أجل مصر" – أول تنظيم سياسي للأقباط داخل البلاد.

No comments:

Post a Comment