Labels

Sunday, March 21, 2010

القمص بيشوي كامل

خدمة القمص بيشوي كامل تضع الكهنة في مأزق وتسأل : ماذا تحتاج الرعية من راعيها؟
كتب وفاء وصفي العدد 1440 - الأحد - 21 مارس 2010
يشهد شهر مارس أعياد ثلاثة من أعمدة الكنيسة الأرثوذكسية هم
البابا كيرلس السادس والذي يعيد له في يوم 9مارس
والقمص ميخائيل إبراهيم والذي كان أب اعتراف قداسة البابا شنودة الثالث بطريرك الكرازة المرقسية والذي يعيد له في يوم 26 مارس
والقمص بيشوي كامل والذي كان يخدم بكنيسة مارجرجس اسبورتنج وتعيد له الكنيسة يوم 21 مارس وهو اليوم الذي توفي فيه واشتهر القمص بيشوي بقصة تعتبر في غاية الغرابة والتي كان بدايتها عندما ولد في 6 ديسمبر 1931 بمحافظة دمنهور باسم " سامي كامل اسحق سعد " ثم حصل علي بكالوريوس علوم قسم چيولوچيا من جامعة الإسكندرية سنة 1951 والتحق بمعهد التربية العالي للمعلمين والذي حصل منه علي دبلوم تربية وعلم نفس سنة 1952 ثم عمل كمدرس للكيمياء بمدرسة الرمل الثانوية للبنين ثم حصل علي ليسانس آداب فلسفة عام 1954، وفي نفس الوقت التحق بالكلية الاكليريكية بالاسكندرية وحصل علي بكالوريوس العلوم اللاهوتية سنة 1956 وبعدها عين معيدا بمعهد التربية العالي بالإسكندرية سنة 1957 .
بدأ خدمته سنة 1948 وهو في السابعة عشرة من عمره وهو ما زال طالبا في الجامعة بخدمة التربية الكنسية بكنيسة السيدة العذراء بمحرم بك، والتي كانت تقام في المدارس القبطية المحيطة بالكنيسة الا أنه نجح بنقل خدمة مدارس الأحد إلي داخل الكنيسة .
وفي آخر أيام شهر ديسمبر عام 1954 ومع فترة صوم الميلاد اشتاقت نفسه إلي طريق الرهبنة، وبدأ يعد نفسه لذلك، - الا انه في خلال
استعداده للسفر إلي الدير مرض والده بجلطة دموية فأرجأ الفكرة لوقت آخر .
ثم حدث أنه في مساء الاربعاء 18 نوفمبر سنة 1959 أن الاستاذ سامي كامل أخذ فصله لمدارس التربية إلي الدار الباباوية بالإسكندرية لنوال بركة البابا كيرلس السادس، وما أن قبل يديه حتي فوجئ بالبابا وهو يخبره بأنه سيرسمه كاهنا بعد أربعة أيام ... فقد كان البابا قبل دخول الأستاذ سامي جالسا مع القمص مينا اسكندر وكانا يتناقشان حول قطعة أرض اشترتها الباباوية القبطية بالإسكندرية لإقامة كنيسة باسم مار جرجس وقال البابا " لن نستطيع البدء في بناء الكنيسة قبل رسامة كاهن خاص بها " وما كاد ينتهي من القول حتي دخل الاستاذ سامي فهتف أبونا مينا علي الفور " ها هو الشاب الذي يصلح لأن يرعي شعب كنيسة مار جرجس " ذهل الخادم سامي من وقع المفاجأة واستجمع شجاعته وقال : " ولكني لست متزوجاً !" فمنحه فرصة يومين فذهب لتوه إلي مقصورة السيدة العذراء وأخذ يصلي مرارا ليظهر له الرب إرادته، ثم طلب يد " انجيل باسيلي " ( حاصلة علي بكالوريوس اقتصاد وعلوم سياسية - جامعة الإسكندرية ) أخت زميليه في الخدمة فايز وجورج باسيلي لكن العجيب في الأمر أن العروس لم توافق لرغبتها هي الأخري في الرهبنة، الا أن القمص مينا إسكندر تدخل وأقنعها وتمت الخطوبة يوم الخميس1959 / 11 / 19 .
وتمت أخيرا سيامته كاهنا باسم بيشوي كامل يوم الأربعاء 2 ديسمبر عام 1959 علي مذبح كنيسة الشهيد العظيم ما رجرجس باسبورتنج والتي صارت من أشهر كنائس الإسكندرية بالاضافة إلي كنائس أخري كثيره .
وهو أول من فكر في إنشاء حضانة لأطفال الأمهات العاملات بكنيسة مار جرجس باسبورتنج والتي أخذتها عنه كنائس الإسكندرية ثم ما
لبثت أن عمت الفكرة كنائس مصر كلها .
ويعتبر أول من أحيا التقليد الكنسي القديم الخاص بالسهر في الكنيسة ليلة رأس السنة القبطية " عيد النيروز " ، ورأس السنة الميلادية وسارت في دربه كل الكنائس فيما بعد .
وبعد نياحته والتي جاءت في يوم 21 مارس 79 بعد صراع طويل مع مرض السرطان كشف الستار عن أنه عاش بتولاً مع زوجته انجيل - دون أن يمارس الجنس - والتي كانت تشتاق هي الأخري للرهبنة وأصبحت أمًا للكثير من الفتيات حتي الآن في الإسكندرية وخارجها .
والغريب أو بالرغم من عدم وجود معجزات للقمص بيشوي كامل إلا أنه أصبحت له شهرة واسعة وكبيرة بل إن كتبه عن الخدمة والصليب أصبح لها قراؤها من داخل وخارج مصر وهذه الشعبية الكبيرة أصبحت تفرض حقيقة مهمة وهي أن الشعب القبطي المسيحي لايريد معجزات حتي يعشق أو يقتاد شخصية بعينها
وإنما السؤال الذي يفرض نفسه هنا هل أصبحت الرعية القبطية تحتاج لصفات وراع مثل القمص بيشوي كامل والذي اشتهر ببحثه عن الخاطئين ويذهب إليهم أينما كانوا ليعود بهم إلي كنيسة المسيح
والحقيقة أننا تركنا الشباب وهم أكثر من تحتاج للمساعدة والتدريب والارشاد من قبل الكهنة
فتقول " كرستين موريس " 22 سنة أحيانا يكون هناك كهنة واعين ومدركين لطبيعتنا وطريقة تفكيرنا، فنحن كشباب أصبحنا لا نحتاج للنصائح النظرية ولكننا نحتاج لكاهن يعمل معنا ويقبلنا باختلافاتنا وعيوبنا ومميزاتنا ويستطيع أن يتعامل مع الجميع بذكاء وحب وهذا ما كان يقوم به أبونا بيشوي . كامل فنسمع عنه إنه كان يذهب ويبحث عن الفتيات والشباب في أماكن الخطيئة ويستر عليهم، وهذا ما نفتقده كثيرًا الآن .
ويعارضها في الرأي " مارك نبيل " 26 سنة : إن هناك كهنة كثيرين لهم أعمال كبيرة وفاهمين لمتطلبات الشباب ويستطيعون التعامل معهم ولكن أحيانًا تكون المشكلة بنا نحن، وتكون متطلباتنا أكبر من قدرتهم واستطاعتهم، بل أحيانًا نكون نريد نحن شيئًا بعينه ونرفض النصح والارشاد متعللين بعدم فهمه لنا وبذلك نقوم نحن بظلمهم معنا .
أما " إدوارد فوزي " 29 سنة فيؤكد أن الكهنة الآن اختلفوا كثيرًا عما مضي فأصبحت مشاغل الحياة تلهيهم عن رعيتهم وهو ما كان ينفرد به القمص بيشوي كامل الذي كان يبحث عن الرعية في أي وقت ومكان وزمان ويخدم بحب كبير، نحن جميعًا نفتقده الآن وأشك أن الكهنة أيضًا يفتقدونه هذه الأيام، فالحياة أصبحت أصعب بكثير عما مضي علي الجميع بمن فينا الكهنة ولكننا دائمًا ننظر إليهم بمنظور مختلف عن بقية البشر
أما " أمير جرجس " 30 سنة : أن الكهنة الآن أصبحوا يأتون لتأدية واجبهم فقط وبالتالي لا نشعر بشيء إلا الروتين فيجب أن نتعامل معهم لأن الكنيسة تأمر بذلك، بل أحيانًا تدخل الكاهن قد يجعل كل شيء ينهار، إلا أن هناك قلة قليلة تقوم بإرشاد الشباب بحب حقيقي وهذه هي الفئة التي تجذب إليها الشباب من كل بقاع مصر وهي أحيانًا تكون موجودة بالأديرة وأحيان قليلة تكون موجودة داخل الكنائس .
ويدافع القمص عبدالمسيح بسيط كاهن كنيسة السيدة العذراء مريم بمسطرد وأستاذ اللاهوت الدفاعي عن الكهنة قائلاً إن عمل أبونا بيشوي كامل أهم من المعجزة، فحسب الكتاب المقدس إن إنقاذ إنسان من خطية هو كإقامة ميت من الموت .
ويؤكد أن القمص بيشوي كامل هو باعث نهضة مدينة الإسكندرية في العصر الحديث مشيرًا إلي إنه إذا قمنا بسؤال أي كاهن هناك سواء صغيرًا أو كبيرًا سيؤكد أنهم يدينون بالفضل في الخدمة لثمرة جهود هذا الرجل، مؤكدًا أن القمص بيشوي كامل هو الكاهن الوحيد في التاريخ الذي ذاع صيته وهو ليس راهبًا أو أسقف .
ويشير إلي أن هناك كهنة الآن كثيرون لهم نشاط مثل نشاط القمص بيشوي إلا أن القصة كلها تكمن في أن القمص بيشوي ظهر في وقت كانت الكنيسة تمر فيه بمرحلة ضعف، فبرز وظهر ليعد واحدًا من أكبر رعاة كنيسة الإسكندرية أما الآن ففي عهد البابا شنودة الثالث الكنيسة في قوتها وبالتالي ما كان يقوم به القمص بيشوي أصبح الآن عاديا وطبيعيا ويقوم به عشرات الكهنة بل والآلاف أيضًا .

No comments:

Post a Comment